ڤوكس – بقلم أليكس وارد – يواجه جو بايدن بالفعل مشكلة حليف

أكبر تحدٍ يواجهه بايدن في السياسة الخارجية ؟ الحصول على أوروبا على متن الطائرة.

  • أكبر تحدٍ يواجهه بايدن في السياسة الخارجية ؟ الحصول على أوروبا على متن الطائرة.

اخرى قبل 3 سنة

ڤوكس – بقلم أليكس وارد – يواجه جو بايدن بالفعل مشكلة حليف

أكبر تحدٍ يواجهه بايدن في السياسة الخارجية ؟ الحصول على أوروبا على متن الطائرة.

الحلفاء قيمة أساسية لمواجهة التحديات

التحالفات ستكون حجر الزاوية لأجندة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن في ملف السياسة الخارجية ومرتكزها الأساسي، وقد شدَّد بايدن مرارًا وتكرارًا على الأهمية البالغة للعمل مع الحلفاء لمواجهة التحديات العالمية الكبرى، سواء التصدي للصين، أو كبح جماح جائحة فيروس كورونا المستجد، أو التعامل مع أزمة تغيُّر المناخ.

إن المشكلة تتمثل في أنه إذا تعرَّضت هذه المرتكزات والمحاور للانهيار، فإن باقي صرح التحالفات سيتهاوى معها. وقد بدأ بالفعل صرح التحالفات يترنح بعد مرور أقل من أسبوع واحد على تولي بايدن رئاسة الولايات المتحدة. ويرجع هذا إلى عدم وجود أي نوع من التنسيق المشترك بين الولايات المتحدة وأقرب حلفائها الأوروبيين في عدد من القضايا البارزة؛ بدايةً من مواجهة الصين ومرورًا بأزمة فنزويلا، وانتهاءً بمشكلة التجارة.

عقبات استعادة الحلفاء

إن إبرام الاتحاد الأوروبي اتفاقية استثمارية مخطط لها منذ أمد بعيد مع الصين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على الرغم من المخاوف العامة التي أعرب عنها آنذاك جيك سوليفان الذي أصبح مستشار الأمن القومي الجديد في إدارة بايدن. وفي الوقت الراهن لا يقتصر الشعور بالقلق والخوف على مساعي الصين لتقوية العلاقات الاقتصادية مع حلفاء أمريكا عبر المحيط الأطلسي فحسب، بل إن الصين ستستغل أيضًا الإمكانية الجديدة التي توفرت لها ويمكنها من خلالها السطو على الملكية الفكرية للصناعات الأوروبية.

وفي هذا الأسبوع أسقط الاتحاد الأوروبي اعترافه بزعيم المعارضة الفنزويلية خوان جوايدو «رئيسًا بالوكالة» للبلاد، والذي كانت تتعامل معه الدول الأوروبية والولايات المتحدة منذ عام 2019 باعتباره رئيسًا مؤقتًا لفنزويلا. ويصف الاتحاد الأوروبي جوايدو حاليًا بأنه أحد «الفاعلين السياسين الأساسيين»، وهو ما قد يكشف عن وجود فجوة في إستراتيجية التحالف العابر للأطلسي لإسقاط ديكتاتور فنزويلا نيكولاس مادورو.

إن بايدن بدوره وقَّع يوم الاثنين الماضي أمره التنفيذي «اشترِ أمريكيًّا» لضمان شراء الحكومة الأمريكية «ما أمكن من العناصر التي ستساعد الشركات الأمريكية على المنافسة في الصناعات الإستراتيجية ومساعدة الشركات الأمريكية على النمو والازدهار». ويخشى الخبراء أن تنظر الحكومات الأوروبية إلى هذه الخطوة على أنها استمرار لسياسات الحماية الاقتصادية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

ولا توجد مطلقًا حكومتان على وفاقٍ تام والخلافات بين الولايات المتحدة ودول أوروبا قائمة منذ عقود. إلا أن البوادر الأولية تُشير إلى أن بايدن لا يمكنه الاعتماد على الدعم الأوروبي على نحو انعكاسي فحسب؛ مما يضع السعي للحصول على حلفاء يقفون إلى جانبه لمدة طويلة على رأس قائمة أولوياته. يقول إريك براتبيرج، مدير البرنامج الأوروبي في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ومقرها العاصمة واشنطن: إن «الأوروبيين لا يحرصون على السير خلف الولايات المتحدة في كل خطوة تتخذها. ولن تتغير هذه الحسابات؛ لأن بايدن يتصرف بلطف، بينما ترامب لم يكن كذلك».

كيف تمثل الاتفاقية الاستثمارية بين الصين-أمريكا معضلة بالنسبة لبايدن؟

إن الاتحاد الأوروبي والصين أبرما في نهاية العام المنصرم اتفاقية استثمارية مخطط لها منذ أمد بعيد. وفي حين أن التفاصيل المتعلقة بالاتفاقية لم تزل ضئيلة وشحيحة، تمثَّل الدافع الأساسي لإبرام هذه الاتفاقية في أن دول الاتحاد الأوروبي ستحظى بإمكانية أكبر للوصول إلى السوق الصينية وستُعامل شركاتها في الصين تعاملًا أكثر عدالة، بينما تتعهد بكين بالالتزام بحل عدة قضايا شائكة، منها استخدام العمل الجبري (السخرة) وإجبار شركات التكنولوجيا على إفشاء أسرار تجارية قيِّمة لكي يتسنى لها الوصول إلى السوق الصينية.

ويرى الخبراء أن الاتفاقية تُعد منطقية بالنسبة للاتحاد الأوروبي. إذ أصبح الآن بمقدور شركات الاتحاد الأوروبي، برغم كل شيء، الوصول إلى أكبر سوق في العالم؛ مما قد يُعزز اقتصاد القارة العجوز لعقود قادمة. إلا أن بعض المحللين رجَّحوا أيضًا أن سلبيات الاتفاقية أكثر من إيجابياتها؛ لأنهم يظنون أن بكين من المحتمل أن تكون قد وافقت على الصفقة من أجل اتخاذ خطوة استباقية ضد إمكانية توحيد جهود التحالف العابر للأطلسي بقيادة بايدن للضغط على الصين بشأن ممارساتها الاقتصادية والتجارية.

ويبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة ربما تبارك هذه الاتفاقية. إذ أعرب سوليفان، مستشار الأمن القومي في إدارة بايدن، عن قلقه بشأن الصفقة قبل أيام فقط من إبرامها، وكتب على «تويتر» في 21 ديسمبر يقول: «ترحِّب إدارة بايدن – هاريس بإجراء مشاورات مبكرة مع حلفائنا الأوروبيين بشأن مخاوفنا المشتركة حيال ممارسات الصين الاقتصادية».

صرح سوليفان : إنه لم يكن صريحًا وجازمًا، لم يقل للاتحاد الأوروبي: «لا تبرموا هذا الاتفاقية»، كما أنه لم يكن واضحًا ولم يقل: «نحن نرحِّب بهذا الاتفاقية». ويبدو أن حَمْل الاتحاد الأوروبي على تغيير مساره سيكون مهمة صعبة. وقد انتهى الاتحاد الأوروبي من إبرام الاتفاقية توًّا، وليس هناك وكالة استخباراتية موحَّدة للاتحاد الأوروبي يُمكن للولايات المتحدة أن تطلب منها معلومات استخباراتية بشأن أهداف الصين. وهذا يعني أنه يجب على فريق إدارة بايدن الذهاب إلى كل دولة أوروبية على حدة لشرح ما يعرفونه عن أهداف بكين الاقتصادية الحقيقية والتهديدات الأمنية المزعومة التي تشكلها شركات التكنولوجيا الصينية.

وفي هذا الصدد يقول راين تولي، مدير الشئون الأوروبية والروسية بمجلس الأمن القومي الأمريكي التابع لإدارة ترامب: إن «سياسات ترامب كانت صحيحة من عدة أوجه، لكن الأوروبيين لم يعجبهم أسلوبه. أما الآن فأنتم ترون الأسلوب الصحيح، لكني أشعر بالقلق من حدوث تراجع في السياسات الصحيحة».

إذا كان بايدن يأمل أن يُفضي توليه السلطة – أو خروج ترامب منها – إلى توطيد العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن سياسة التعامل مع الصين، فينبغي عليه التفكير مرةً أخرى في هذا الأمر. وينقل الكاتب عن براتبيرج قوله: «يجب على فريق بايدن أن يدرك أنه يتعين عليهم إشراك أوروبا في وضع إستراتيجية مشتركة ضد الصين، وليس فرض إستراتيجيتهم الخاصة على أوروبا فحسب».

نظرة مختلفة

يلفت التقرير إلى أنه في أوائل عام 2019، حشدت الولايات المتحدة تحالفًا عالميًّا يضم أكثر من 50 دولة للاعتراف بجوايدو بوصفه رئيسًا شرعيًّا لفنزويلا. وزعموا أن انتخابات فنزويلا الرئاسية التي أُجريت في مايو (أيار) 2018 زُوِّرت لمنح مادورو ولاية ثانية مُدَّتها ست سنوات، وأن جوايدو بموجب دستور فنزويلا وبصفته رئيسًا للجمعية الوطنية (الهيئة التشريعية في البلاد أو البرلمان) هو الرئيس الشرعي للبلاد، حتى وإن كان بصفة مؤقتة.

إن الاتحاد الأوروبي كان عضوًا رئيسًا في ذلك التحالف العالمي، لكنه يوم الاثنين أسقط اعترافه بجوايدو رئيسًا لفنزويلا، لكن التكتل الأوروبي يصفه حاليًا بأنه «محاور ممتاز»، وهذا يعني أنه زعيم رئيس سيظل الاتحاد الأوروبي يتعامل معه، لكن دون التعامل معه باعتباره الرئيس المؤقت للبلاد.

وربما يكون سبب تغيير الاتحاد الأوروبي لرؤيته مباشر وواضح المعالم: إذ أجرت فنزويلا للتو انتخابات الجمعية الوطنية العام الماضي، والتي رفض جوايدو وزمرته المشاركة فيها، مدَّعين أن التصويت شابَهُ عملية تزوير حالت دون فوزهم برئاسة الجمعية الوطنية. ونتيجةً لذلك لم يعد جوايدو رئيسًا للبرلمان أو الهيئة التشريعية في فنزويلا، لذا لا يمكن دستوريًّا وصفه بالرئيس المؤقت للبلاد. ومع ذلك، جدد الاتحاد الأوروبي في بيانه الصادر يوم الثلاثاء «دعمه لجميع هؤلاء الفاعلين السياسيين الذين يعملون من أجل تحقيق مستقبل ديمقراطي لفنزويلا».

لكن وفي ظل هذا الوضع – بحسب ما يستدرك الكاتب – تنظر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حاليًا إلى جوايدو نظرة مختلفة. وخلال جلسة الاستماع التي عقدت الأسبوع الماضي أمام مجلس الشيوخ الأمريكي لتعيينه وزيرًا للخارجية، قال أنتوني بلينكين: «إن إدارة بايدن ستظل تنظر إلى جوايدو على أنه الرئيس الشرعي لفنزويلا».

إن الذي يعنيه هذا بالنسبة لمستقبل سياسة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاه فنزويلا لا يزال غير واضح. تقول لورا جامبوا، الأستاذة المساعدة في جامعة يوتا: إن «النظرة المختلفة لوضع جوايدو ستؤدي على ما يبدو إلى إضعاف قدرة أمريكا على بذل جهودٍ متعددة الأطراف، حتى لو اشترك كلٌ من واشنطن وبروكسل في الهدف نفسه المتمثل في إزاحة مادورو عن السلطة».

بينما تعتقد دوروثي كرونيك من جامعة بنسلفانيا أن الاتحاد الأوروبي قد أسدى إلى بايدن معروفًا. إذ منح الأوروبيون، عن طريق إسقاطهم الاعتراف بجوايدو رئيسًا لفنزويلا والتقليل من أهميته، الأمريكيين مساحة أكبر لدعم المجموعات الديمقراطية الأخرى في فنزويلا وعدم الاعتماد على جوايدو فحسب للإطاحة بالديكتاتور. وتقول دوروثي: إن «هذا البيان الصادر عن الاتحاد الأوروبي يوحي بأن التكتل الأوروبي لن يتراجع بأية حال من الأحوال عن الالتزام بعودة الديمقراطية إلى فنزويلا. وهذا يتعلق بالبحث عن الإستراتيجية الأكثر نجاحًا وفعالية لتحقيق ذلك».

لكن لم يزل السؤال مطروحًا بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي متفقَيْن ومتفاهمَيْن فيما يتعلق بفنزويلا، وهي مشكلة تحتاج إدارة بايدن إلى حلها – حسبما يقول الكاتب.

تعهد بايدن بـ«شراء المنتجات الأمريكية» سيثير غضب أوروبا

هناك مشكلة أخرى قد تواجه بايدن في استعادة حلفاء الولايات المتحدة القدامى، وهي التجارة، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية في عهد باراك أوباما سَعَت إلى توقيع اتفاقية تجارية مع أوروبا تُعرف باسم «الشراكة التجاريَّة والاستثماريَّة العابرة للأطلسي (TTIP)»، والتي كانت ستؤدي إلى تسهيل إجراءات بيع المنتجات الأمريكية في أوروبا والعكس. لكن الجانبين فشلا في التوصل إلى اتفاق، وتوقفت المحادثات بعدما أصبح ترامب رئيسًا للولايات المتحدة.

ووضعت بعض دول أوروبا آمالها – على ما يبدو – على أن يُعيد بايدن، الذي كان الرجل الثاني في إدارة أوباما خلال مفاوضات هذه الاتفاقية التجارية، استكمال الخطوة نفسها في اتجاه التجارة الحرة عبر المحيط الأطلسي. لكنهم بدلًا عن ذلك شعروا بالغضب بعد توقيع بايدن الأمر التنفيذي «اشترِ أمريكيًّا» الذي حدَّد للحكومة الفيدرالية الأمريكية أن السلع المصنوعة في الولايات المتحدة أولى بالشراء من تلك المصنوعة خارجها.

وعلى الفور، ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أن «كبار شركاء أمريكا التجاريين وحلفائها الإستراتيجيين، بما في ذلك كندا وعدد من الدول الأوروبية، اشتكوا كثيرًا من أن إجراءات «اشترِ أمريكيًّا» تُعد محاولة للحماية التجارية لإبعاد شركاتهم المتعددة الجنسيات عن الاقتصاد الأمريكي». وأشار براتبيرج، مدير البرنامج الأوروبي في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إلى الأمر نفسه خلال حديث معه. وقال: «يشعر الأوروبيون بالقلق بعض الشيء من استمرار السياسات الوقائية للحماية التجارية في عهد بايدن».

بايدن يفتقد الحلفاء الموثوقين

وقد شكَّل هذا الأمر مشكلةً آخذةً في التصاعد – بحسب الكاتب – وقد وعد فريق إدارة بايدن بتبني سياسة خارجية من شأنها دعم الطبقة العاملة في الولايات المتحدة، وتتمثل إحدى الطرق لتحقيق ذلك في ضمان مساعدة الحكومة للشركات الأمريكية على النمو والازدهار. لكن حرص الحكومة الأمريكية الأكثر من اللازم على رفع شعار «اشترِ أمريكيًّا» لن يُؤدي إلا إلى غضب الحلفاء الأوروبيين الذين انتظروا طويلًا ليتمكنوا من المنافسة العادلة مع الشركات الأمريكية المحلية في السوق الأمريكي.

هناك بالفعل توترات اقتصادية شديدة بين الولايات المتحدة وأوروبا. إذ فرضت إدارة ترامب تعريفة جمركية تقدر بالمليارات على البضائع الأوروبية، وأنهى كلٌ من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مؤخرًا نزاعًا تجاريًا بشأن الإعانات المُقدَّمة إلى شركات الطيران الكبرى. وإذا كان هناك ثمة مناسب لفرض هدنة لتهدئة التوترات بشأن وضع العلاقات التجارية العابرة للأطلسي، فإنه الآن، لكن يبدو أن شعار «اشترِ أمريكيًّا» يؤدي إلى نتائح عكسية على الأرجح.

ولا يُشير أي مما سبق ذكره إلى أن بايدن يُعرِّض العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للخطر على نحو صارخ. ويبدو أن زعماء الاتحاد الأوروبي يشعرون بالسعادة بالفعل لرؤيته في المكتب البيضاوي بدلًا عن ترامب. لكن لم يتضح بعد ما إذا كان بايدن يمتلك الروابط المتماسكة الوثيقة التي كان يتمنى تكوينها مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما يُبرهن على أن الرئيس الأمريكي الجديد بصدد مواجهة مشكلة كبيرة في السياسة الخارجية خلال المرحلة المبكرة من توليه السلطة.

التعليقات على خبر: أكبر تحدٍ يواجهه بايدن في السياسة الخارجية ؟ الحصول على أوروبا على متن الطائرة.

حمل التطبيق الأن